الجابرية قطعة 1 ب
info@lawyerq8.com
اتصل بنا: 94444897
شهادة الشهود في القانون الكويتي

شهادة الشهود في القانون الكويتي | شكل ضمان مصلحة المتقاضي وحسن سير مرفق العدالة الهدف الأسمى الذي سعى المشرع الكويتي لتحقيقه عند وضعه للنظام القانوني المنطبق على الإجراءات المدنية والتجارية. ولا ريب أن أهم مظهر من مظاهر هذا الخيار التشريعي يتجلى من خلال أحكام الإثبات. فقد عمله على تحقيق أكبر قدر من التوازن بين مبدأ الدفاع للمتقاضي من جهة وضمان نجاعة الإثبات. سنتناول في هذا المقال بالدراسة وسيلة هامة من وسائل الإثبات تتمثل في شهادة الشهود التي تتجلى، من خلال الأحكام المنظمة لها، خيارات المشرع الكويتي آنفة الذكر. وسيلة الإثبات هذه لم يقدم لها المشرع الكويتي تعريفا دقيقا. لذلك فقد تولى الفقه مهمة تعريفها. فهي بالتالي، تتمثل في تصريح صادر عن شخص أجنبي عن النزاع أثناء الإجراءات القضائية ويشهد به عما رآه أو سمعه أو بلغ إلى علمه من وقائع تتصل بالنزاع. وهي وسيلة تساعد المتقاضي في إثبات حقه باعتبارها وسيلة احتياطية يتم اللجوء إليها عند عدم توفر وسائل الإثبات الأخرى رغم أن البينة بالشهادة تعد من وسائل الإثبات ناقصة الحجية. وبالتالي، فلم يقتصر دور المشرع في هذا الشأن سوى على وضع النظام القانوني لشهادة الشهود. ولعل أهم الأحكام المتعلقة بشهادة الشهود هي تلك الواردة بالمواد 39 إلى 51 من المرسوم بالقانون رقم 39 لسنة 1980 بإصدار قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية. أما بالنسبة لشهادة الزور فهي تخضع للأحكام العامة الواردة بالمواد 136 إلى 139 من القانون رقم 16 لسنة 1960 المتعلق بإصدار قانون الجزاء الكويتي. فماهي الشروط الواجب توفرها في الشاهد؟ كيف يقع اللجوء للبينة بالشهادة؟ من هي الأطراف المخول لها تلقي الشهادة؟ وما الجزاء المترتب عن شهادة الزور؟ كل هذه الإشكاليات سنقدم لها إجابات مفصلة فيما يلي.

طالع ايضا : أنواع قضايا الجنح في القانون الكويتي

1/مقبولية البينة بالشهادة في المادة المدنية والتجارية:

أجاز المشرع اعتماد شهادة الشهود في إثبات الوقائع القانونية مطلقا وذلك تبعا لحرية الإثبات. حيث يجوز إثباتها بجميع وسائل الإثبات. مثل وضع اليد والفعل الضار والفعل النافع.

لكن بخصوص التصرفات القانونية، لا يمكن اللجوء إلى شهادة الشهود إلا بشروط.

إذ أنه مبدئيا، لا تثبت شهادة الشهود التصرفات القانونية إلا إذا كانت قيمتها أقل من خمسة آلاف دينار. فإذا فاقت قيمة التصرف القانوني خمسة آلاف دينار، فلا يمكن إثباته إلا بالكتب. هذا ما يستفاد من أحكام المادة 39 من قانون الإثبات لسنة 1980.

غير أن هذا المبدأ غير مطلق، حيث أورد في شأنه المشرع جملة من الاستثناءات.

فقد أجاز إثبات التصرفات القانونية بالبينة بالشهادة ولو فاقت قيمتها خمسة آلاف دينار في مجال المعاملات التجارية ويتضح هذا الاستثناء من تنصيصه بالمادة 39 من قانون الإثبات لسنة 1980 “في غير المواد التجارية إذا كان التصرف تزيد قيمته على خمسة آلاف دينار أو كان غير محدد القيمة، فلا تجوز شهادة الشهود في إثبات وجوده أو انقضائه”.

في المادة المدنية، أقر المشرع استثناءات تتعلق سواء بعدم قبول الشهادة ولو قلت قيمة التصرف عن خمسة آلاف دينار أو العكس أي بقبول شهادة الشهود ولو فاقت قيمة التصرف خمسة آلاف دينار.

فبالنسبة للاستثناءات الأولى في الذكر، فقد ضبط المشرع ثلاث حالات لذلك.

أولها، في قوله ” فيما يخالف أو يجاوز ما اشتمل عليه دليل كتابي” لأن الطرفين قد قصدا من ذلك استبعاد الاثبات في وجود الالتزام أو انقضائه.

ثانيها، في قوله “إذا كان المطلوب هو الباقي أو جزء من حق لا يجوز إثباته إلا بالكتابة” لأن الدائن أسس طلبه في هذه الحالة على تصرف قانوني يجاوز قيمته نصاب الشهادة.

ثالثها، في قوله “إذا طالب أحد الخصوم في الدعوى بما تزيد قيمته على خمسة آلاف دينار ثم عدل عن طلبه إلى ما لا يزيد على هذه القيمة”.

أما بالنسبة لجملة الاستثناءات الثانية في الذكر والمتعلقة بقبول الشهادة ولو فاقت قيمة التصرف خمسة آلاف دينار، فهي تتمثل في ثلاثة استثناءات أيضا.

حيث يجوز إثبات التصرف “بشهادة الشهود فيما كان يجب إثباته بالكتابة (…) أولا: إذا وجد مبدأ ثبوت بالكتابة، ويعتبر مبدأ ثبوت بالكتابة كل كتابة تصدر من الخصم ويكون من شأنها أن تجعل وجود التصرف المدعى به قريب الاحتمال.” أي رسالة تشير إلى التصرف المراد إثباته أو محضر تحقيق أو استجواب. ويشترط في هذه الحالة أن تكون الورقة متعلقة بالتصرف المراد إثباته. 

كما يجوز إثبات التصرف القانوني “بشهادة الشهود فيما كان يجب إثباته بالكتابة (…) ثانيا: إذا وجد مانع مادي أو أدبي يحول دون الحصول على دليل كتابي”. فإذا وجد مانع مادي أو أدبي يجوز الاثبات بشهادة الشهود مهمل كانت قيمة التصرف المراد اثباته وهنا يجوز لمن وجد لديه مانع من حصوله على دليل كتابي أن يثبت التصرف أو يبرئ ذمته من الدين. 

ومثال المانع المادي: حالة المسافر إذا طلب من صديقه الذي يقوم بتوصيله اقراضه مبلغ من المال يزيد عن خمسة ألاف دينار بسبب فقدانه لنقوده. وهنا توجد استحالة مادية لحصول على دليل كتابي.

 وقد يكون التعذر معنويا وذلك لوجود موانع أدبية تحول دون إبرام الكتب وترجع إلى قيام علاقة زوجية أو صلة قرابة أو عمل.

إلا أن التعذر المعنوي يثير صعوبة تتعلق بالمعيار الذي يمكن اعتماده في هذا الشأن والحد الذي يجب الوقوف عنده.

وأخيرا، يجوز إثبات التصرف القانوني “بشهادة الشهود فيما كان يجب إثباته بالكتابة (…) ثالثا: إذا فقد الدائن سنده الكتابي بسبب أجنبي لا يد له فيه”. فقد يستحيل على الشخص الإدلاء بالحجة الكتابية لضياعها بفعل قوة قاهرة أو أمر طارئ. كأن يكون الكتب قد فقد نتيجة حريق أو تم اختلاسه. 

ويبقى تقدير كل هذه الحالات موكولا لاجتهاد القاضي.

يشترط في كل الحالات أن يكون الشاهد محايدا. لهذا لا يجوز أن يكون طرفا في النزاع وأن تكون له مصلحة شخصية أو أن تكون بينه وبين أطراف النزاع قرابة (مثل علاقة الزوجية) أو عداوة ظاهرة. 

كذلك، فقد راعى المشرع الكويتي عامل السن في تقدير مقبولية الشهادة. حيث لا تقبل شهادة الشاهد كبير السن. وكبر السن يتم تقدير حسب الحالات من قبل قاضي الأصل.

وفي المقابل، منع المشرع الكويتي قبول شهادة الشاهد الذي يقل سنه عن 14 سنة.

ومناط المنع المؤسس على عامل السن هو عدم قدرة هذا الصنف من الأفراد على التمييز طبقا لما ورد بالمادة 43 من قانون الإثبات الكويتي. 

والعبرة بسن الشاهد وقت الأداء بشهادته لا بوقت الواقعة التي يشهد عليها.

هذا وقد منع المشرع الكويتي صنفين آخرين من الأشخاص بحكم الواجب المحمول عليهم بعدم إفشاء السر المهني وهم:

-الموظف المكلف بخدمة عامة بشأن ما يطلع عليه من أمور سرية، حتى بعد ترك الوظيفة (إلا بإذن السلطة العامة).

-المهنيون بشأن ما يطلعون عليه من أمور سرية، حتى بعد ترك ممارسة المهنة (أطباء / محامون).

فجميع هذه الوضعيات من شأنها أن تؤدي إلى التشكيك في مصداقية الشهادة وهو ما يسمح بالتجريح في الشاهد.

القدح في الشاهد هي مسألة تهم الواقع فلا يمكن إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض.

2/كيفية اللجوء إلى البينة بالشهادة:

قصد ضمان فعالية الشهادة في سير الدعوى أوجب المشرع الكويتي اتباع جملة من الإجراءات والشروط عند الإثبات بالشهادة.

حيث يمكن أن يقع اللجوء إلى البينة بالشهادة إما بطلب من أحد أطراف النزاع إذا حكمت عليه المحكمة أو بإذن من المحكمة إذا أرادت ذلك وهذا ما يدل على أن اللجوء إلى البينة بالشهادة خاضعا لتقدير القاضي. (المادة 42 من قانون الإثبات).

لا يمكن مبدئيا أن يتم تلقي الشهادة إلا من الجهاز القضائي، وإذا تعلق الأمر بشاهد مقيم بالخارج، يمكن أن يقع تلقي شهادته من طرف العون الديبلوماسي أو القنصلي.

يمكن أن يكون الشاهد شخصا واحدا باستثناء حالة إثبات النسب فقد اشترط المشرع الكويتي إثباتها بشهادة شاهدين.

للمحكمة سلطة تقديرية في رفض أو قبول طلب سماع شاهد. ولها في أي طور من أطوار القضية أن تلقي على الشاهد ما تراه يتفق مع الدعوى من الأسئلة وأن تستدعي أي شاهد سمعت شهادته من قبل لاستجوابه مرة ثانية. (المادة 48 من قانون الإثبات).

وفي صورة قبول سماع الشاهد فإنه لا بد من اتباع الشروط التي وضعها قانون الإثبات الكويتي وهي:

*دعوة الشهود للحضور. فالأصل أن كل خصم يقوم بدعوة شهوده وإحضارهم يوم المرافعة، وقد حدد المشرع الكويتي إجراءات دعوة الشهود وحضورهم وذلك بالمواد 45، 46، 47 من قانون الإثبات الكويتي. وتتعلق بالإجراءات الخاصة باستدعاء الشهود، وتخلف الشاهد عن الحضور إما بعذر مشروع أو بغير عذر.

*تلقي شهادة الشهود منفردين دون حضور باقي الشهود الذين لم تسمع شهادتهم. أما الشهود الذين تم سماع شهادتهم فيمكنهم الحضور. والغاية من ذلك هو ضمان عدم تأثير الشهادة في الشهود الذين لم تسمع شهادتهم بعد.

*مبدئيا، يجب سماع شهود المدعى عليه “شهود النفي” في نفس الجلسة التي سمع فيها شهود المدعي “شهود الإثبات”.

أما إذا حصل مانع استوجب سماع شهود النفي في جلسة أخرى بصفة استثنائية.

*وضع المشرع صيغة أداء الشهادة بالمادة 44.  وقد راعى المشرع الاختلاف في الدين عند حلف الشاهد اليمين عند قوله : “ويكون الحلف حسب الأوضاع الخاصة بدينه إن طلب ذلك”.

إذا امتنع الشاهد عن حلق اليمين حكم عليه بغرامة لا تجاوز عشرين ديناراً.

3/ جريمة شهادة الزور:

نص المشرع الكويتي بالمادة 50 من قانون الإثبات لسنة 1980: ” إذا اتضح عند الحكم في موضوع الدعوى أن الشاهد شهد زورا تحرر المحكمة محضرا بذلك وترسله للنيابة العامة لاتخاذ الإجراءات الجنائية اللازمة”.

يستنتج من تحرير المحضر في شهادة الزور وإرساله إلى النيابة العامة أن شهادة الزور تشكل جريمة مستقلة في القانون الكويتي.

وباعتبارها جريمة معاقبا عليها، ضبط المشرع الكويتي الأحكام المنطبقة على جريمة شهادة الزور بقانون الجزاء الكويتي لسنة 1960 وذلك بالمواد 136 إلى 139 منه.

وتجدر الإشارة في هذا الشأن إلى أنه يستوي في جريمة شهادة الزور بين أن يكون مرتكبها فاعلا أصليا أي يرتكب الجريمة بنفسه وأن يكون مرتكبها شريكا والشريك هنا تحديدا هو الشخص الذي يكره الشاهد على الامتناع عن أداء الشهادة أو على الشهادة زورا وذلك طبق ما ورد بالمادة 138 من قانون الجزاء الكويتي.

ومثل بقية الجرائم، تقتضي جريمة شهادة الزور توفر ثلاثة أركان: الركن الشرعي، الركن المادي، الركن المعنوي.

بخصوص الركن الشرعي فهو يتمثل في إفراد المشرع الكويتي لبعض من الأحكام المتعلقة بجريمة شهادة الزور كما أشرنا إليها آنفا.

أما بالنسبة للركن المادي فهو مرتبط بأمر هام وهو تكليف شخص بأداء الشهادة أمام إحدى الجهات القضائية أو إحدى الجهات غير القضائية طبق أحكام القانون المدني آنفة الذكر.

وكما رأينا في مسألة كيفية الإدلاء بالشهادة، فإن تكليف الشخص بأداء الشهادة يصدر إما بطلب من أحد أطراف النزاع إذا حكمت عليه المحكمة أو بإذن من المحكمة إذا أرادت ذلك.

فإذا توفر هذا الشرط الذي يمكن القول أنه الإطار العام للجريمة، فإنه يمكن الحديث عن الركن المادي المجرم والمتمثل في قول المشرع الكويتي “ثم أدلى ببيانات كاذبة“.

وأخيرا، وبخصوص الركن المعنوي، فإنه يمكن القول أن جريمة شهادة الزور هي جريمة قصدية تقتضي توفر اقصد الجنائي العام المتكون من: العلم بوجود الجريمة، واتجاه إرادة الشاهد إلى ارتكاب شهادة الزور.

تقتضي جريمة شهادة الزور أيضا توفر قصد جنائي خاص إلى جانب القصد العام، ونلمس ذلك في قول المشرع “وهو يعلم عدم صحتها” أي يعلم أنها بيانات كاذبة ستؤدي إلى الظلم.

فإذا توفرت كل هذه الأركان فإن جريمة شهادة الزور تقوم مرتبة العقاب المقرر لها.

وتختلف العقوبة المقررة لشهادة الزور حسب الظروف المحيطة بارتكاب الجريمة.

فإذا ارتكبت شهادة الزور أمام إحدى الجهات الغير قضائية، فالعقوبة المنطبقة عليها هي تلك المقرر بالمادة 139 من قانون الجزاء الكويتي وهي “الحبس مدة لا تجاوز سنة واحدة وبغرامة لا تجاوز ألف روبية أو بإحدى هاتين العقوبتين”. 

وتعد هذه العقوبة أقل العقوبات من حيث الشدة المقررة لشهادة الزور.

أما إذا ارتكبت أمام إحدى الجهات القضائية، فالعقوبة المنطبقة عليه هي تلك المقررة بالمادة 136 فقرة أولى من قانون الجزاء الكويتي وهي الحبس مدة لا تجاوز ثلاثة أعوام والغرامة التي لا تجاوز ثلاثة آلاف دينار أو بإحدى العقوبتين.

الخاتمة:

إن معرفة مختلف الأحكام المتعلقة شهادة الشهود في القانون الكويتي يمكن المتقاضي من كسب قضيته ويعمل المحامي في هذا الصدد على مساعدة موكله في تحديد الشهود الذين يراهم أكفاء لأداء الشهادة ويتكفل بالقيام نيابة عنه بالإجراءات التي يتطلبها الإثبات بشهادة الشهود ضمانا لحقه في الإثبات بهذه الوسيلة متى رأى في ذلك جدوى. كما يعمل المحامي في صورة اتهام موكله بشهادة زور بإثبات عدم توفر ركن من أركان شهدادة الزور كأن يثبت عدم علم الشاهد بأن البيانات التي يدلي بها خاطئة فتنتفي عنه الجريمة تماما أو يتم التخفيف من العقاب المسلط على موكله. أما إذا كان موكله متضررا من شهادة الزور فيعمل المحامي على إثبات المسؤولية المدنية للمتهم قصد ضمان حق موكله في التعويض كأن يثبت أن شهادة الزور تسببت في القضاء بهدم جدار المحكوم عليه مدنيا.

طالع ايضا : محامي جرائم الكترونية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اتصل بنا: 94444897
× whatsapp